JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

recent
احدث المشاركات

الحكم والآداب

 

الحمدُ لله القديم الماجِدِ ... ذي الطَّولِ والإنعامِ والمحامِدِ
حمداً يفوقُ حمدَ كلِّ الخلقِ ... وما أطيقُ شُكْرَ بعضِ الحقِّ
ثُمَّ الصلاة بعدُ والسلامُ ... على نبي دينه الإسلامُ
سَأَلْتَنِي الإفصاح عن ذا الحِكَمِ ... ونزهة الألباب، خذها كالعَلَمِ
خُذ يا بُنَيَّ هذه النَّصائحا ... واستعملنها غادياً ورائحا
لتقتني منفعة وحكمةً ... وتثنيني عن منن ونعمة
فحفظها يهدي إلى دار البقاء ... وحبها يهزم أجناد الشقاءِ
إذا ابتدأت الأمر سمِّ اللهَ ... وأحمده وأشكره إذا تناها
وكُلَّما رأيت مصنوعاتِهِ ... والْمُبدعاتِ مِن عَلا آياته
فاذكره سراً سرمداً وجهراً ... لتشهدن يوم الجزاء أجراً

هذا وإن تعارض الأمران ... فابدأ بحق الملك الديان

واعمل به تنلهما جميعا ... ولا تقل سوف تكن مضيعا

وإن أتاك مستثير فاذكرن ... قول النبي: المستشار مئتمن

شاور لبيبا في الأمور تنجح ... من يخف الرحمن فيها يربح

وأخلص النيات في الحالات ... فإنما الأعمال بالنيات

واستخر الله تعالى واجتهد ... ثم ارض بالمقضي فيه واعتمد

من استخار ركب الصوابا ... أو استشار أمن العقابا ...

من استخار لم يفته حزم ... أو استشار لم يرمه خصم

ما زالَتِ الأيامُ تأتي بالعبر ... أفق وسلم للقضاء والقدر
كم آية مرت بنا وآية ... في بعضها لمن وعى كفاية
ونحن في ذا كله لا نعتبر ... ولا نخاف غيبها فنزدجر
أليس هذا كله تأديبا ... فمالنا لا نتقي الذنوبا
لكن قسى قلب وجفت أدمعٌ ... إنا إلى الله إليه المرجعُ

فنسأل الرحمن ستر ما بقي ... وعفوه واللطف فيما نتقي

فكم وكم قد أظهر الجميلا ... وستر القبيح جيلاً جيلاً

حتى متى لا نرعوي بالوعظ ... وأنت تنبو كالغليظ الفَظِّ

سر سير من غايته السلامة ... وعد على نفسك بالملامة

بادر بخير إن نويت واجتهد ... وإن نويت الشر فازجر واقتصد

خذ في عتاب نفسك الأمارة ... فإنها غدارة غرراة

خالف هواك تنجح منه حقا ... والنفس والشيطان كي لا تشقى

نفسي عما سرني تدافع ... وهي إلى ما ضرني تسارع

قد أسرتها شهوة وغفلة ... تنكر شيئا ثم تأتي مثله

فمن حبى حسانها فقد ظفر ... ومن حباها غفلة فقد خسر

قدم ليوم العرض زاد المجتهد ... ثم الجوب للسؤآل فاستعد

تطوي الليالي العمر طيا طيا ... وأنت لا تزاد إلا عتيا
فلا تبت إلى على وصية ... فإنها عاقبة مرضية
هيهات لابد من النزوح ... حقا ولو عمرت عمر نوح
فنسأل الله لنا السلامة ... في هذه الدنيا وفي القيامة
أعدد لجيش السيئات توبة ... فإنها تهزم كل حوبة
وارجع إلى ربك فاسألنه ... ولا تحد طرفة عين عنه
أفضل زاد المرء تقوى اللهِ ... سبحانه جل عن التناهي
عليك بالتقوى وكل واجب ... وترك ما يخشى وشكر الواهب

وكن لأسباب التقى أليفا ... واعص هواك واحذر التعنيفا

فالخوف أولى ما امتطى أخو الحذر ... فاعتمد الصمت ودع عن الهذر ...

لو أن ما استملاه كاتباكا ... بأجرة منك ختمت فاكا

صمت يؤديك إلى السلامة ... أفضل من نطق جنى الندامة

العلم والحلم قرينا خيرٍ ... فالزمها وُقيت كل ضير
فالعِلْمُ عِزٌّ لا يكاد يَبْلَى ... والْحِلْمُ كَنْزٌ لا يكاد يفنى

العلم لا يحصى فخذ محاسنه ... ونبه القلب الصدي من السنة
أجمل شيء للفتى من نسبه ... إكثاره من علمه وأدبه
إن كنت محتاجاً إليه مانكا ... أو غير محتاجاً إليه زانكا
لا خير في علم بغير فهم ... ولا عبادات بغير علم
لا تطلبن العلم إلا للعمل ... فاعمل بما علمته قبل الأجلِ
فإن فيه غاية السلامة ... هذا إذا كان بلا سآمة
نصح الورى من أفضل الأعمالِ ... والبِرُّ والرفق بلا اعتلال
إياك إياك الرياء يا صاحِ ... فتركه أقرب للفلاحِ
فالعمر ما كان قرين الطاعةِ ... هذا ولو قدر بعض ساعةِ
حث كنوز الدمع في الخنادس ... بين يدي ربك غير آيسِ
على سوادِ خالِ خدّ الصبح ... تتلو المثاني راغِباً في الربحِ
وقل بما جاء به خير البشرِ ... هب لي الرضا بالقضاء والقدرِ
واجعل لنا من هم فرجاً ... فضلاً، ومن غم وضيقٍ مخرجاً

العدل أقوى عسكر الملوك ... والأمن أهنى عيشة الملوك

سس يا أخي نفسك قبل الجند ... واقهر هواك تنجح قبل القصد

واجعل قوام العدل حصن دولتك ... والشكر أيضا حارسا لنعمتك

فالحق أن تعدل بالسوية ... ما بين نوعين من البرية

فكلكم وكلنا مسئول ... عما رعيناه وما نقول

من لم يجد طولا إلى السياسة ... أخره العجز عن الرياسة

أحسن إلى العالم يحمدوكا ... وعمهم بالعدل ينصحوكا

فعدل سلطان الورى يقيه ... أعظم ما يخشى ويتقيه

لا تستعن بأصغر العمال ... على ترقي أكبر الأعمال

فمن عدا وزيره فما عدل ... ومن طغى مشيره فقد جهل ...

شر الأنام ناصر الظلوم ... وشر منه خاذل المظلوم

الظلم حقا سالب للنعم ... والبغي أيضا جالب للنقم

ظلم الضعيف يا بني لؤم ... وصحبة الجاهل أيضا شؤم

وقيل إن صحبة الأشرار ... تورث سوء الظن بالأخيار

يجني الردى من يغرس العدوانا ... وصار كل ربحه خسرانا

أقرب شيء صرعة الظلوم ... وأنفذ النبل دعا المظلوم

نعم شفيع المذنب اعتذاره ... وبئس ما عوضه إصراره

خذ الأمور كلها بالجد ... فالأمر جد لا هواك المردي

خير دليل المرء الأمانة ... بين الورى وتركه الخيانة

من امتطى أمرا بلا تدبير ... صيره الجهل إلى تذمير

من صان أخراه بدنياه سلم ... ومن وقى دنياه بالدين ندم

من أخر الطعام والمناما ... لذ وطاب سالما ما داما

من أكثر المزاح قلت هيبته ... ومن جنى الوقار عزت قيمته

من سالم الناس جنى السلامة ... ومن تعدى أحرز الندامة

من نام عن نصرة أوليائه ... نبهه العدوان من أعدائه

من اهتدى بالحق حيثما ذهب ... مال إليه الخلق طرا وغلب

من رفض الدنيا أتته الآخرة ... في حلة من الأمان فاخرة

وقيل من قلت له فضائله ... فقد ضعفت بين الورى وسائله

ومن تراه أحكم التجاربا ... فاز بها وحمد العواقبا

من عاشر الناس بنوع المكر ... كافه كل منهم بالغدر

من لا تطيق حربه فسالم ... تعش قرير العين غير نادم

من لم يبال كانت الدنيا لمن ... فهو عظيم القدر سرا وعلن

من بان عنه فرعه وأصله ... أوشك أن ينعاه حقا أهله

من غلب الشهوة فهو عاقل ... ومن دعته فأجاب جاهل

من ظل يوما كاتما لسره ... أصبح منه حامدا لأمره

خير زمانك الذي سلمتا ... من شره لطفا وما اقترفتا

خير الندى وأفضل المعروف ... فيما يرى إغاثة الملهوف ...

لا تثبت النعماء بالجحود ... والشكر حقكا ثمن المزيد

من غلبته شهوة الطعام ... سل عليه صارم الأسقام

تعصي الإله وتطيع الشهوة ... هذا دليل قاطع بالقسوة

من همه أمعاؤه وفرجه ... وتاه في شهوته لا ترجه

أجمل شيء بالغنى القناعة ... فعدها من أشرف البضاعة

وهي تسوق قاصديها للورع ... فاعمل بما علمته ولا تدع

واليأس مما في يدي الأنام ... منزلة الأخيار والكرام

واعلم بأن عمل الأبطال ... كسب الحلال لذوي العيال

فإنك المسئول عنهم فاجتهد ... وليس يغني عنك منهم أحد

من عادة الكرام بذل الجود ... وسنة اللئام في الجحود

لا تدن ممن يدن بالخلابة ... ولا تبن كبرا وسد بابه

لا رأي للمعجب تيها فاعلم ... ولا لذي كبر صديق فافهم

المطل بخل أقبح المطلين ... واليأس منه أحد النجحين

والبخل داء ودواؤه السخا ... فافهم ففيه العز حقا والعلا

والحرص داعي الخلق للحرمان ... ثم يؤول بجنى الخسران

ما ورث الأبناء خيرا من أدب ... فإنه يهدي إلى أسنى الرتب

لاسيما إن كان بان في الصغر ... كما رويناه كنقش في الحجر

من امتطى جواد ريعان العجل ... أدركه كمين آفات الزلل

من كان ذا عجز عن الإحسان ... أثقل ما كان على الإنسان

من ركب الجهل كبت مطيته ... وضل أيضا ثم دامت حسرته

وصار أيضا عبرة للعاقل ... لأنه من أقبح الرذائل

إن كنت ممن يرتجى الجنانا ... لا تطلقن الطرف واللسانا

أو رمت تجني زهر خيرى أمركا ... لا تأت ما تكرهه من غيركا

أو كنت ممن يرتجى السلامة ... في هذه الدنيا وفي القيامة

فلا تقل هجرا وإن غضبتا ... والكبر والشح فبت بتا

إن فوقت مصائب نبالها ... فاشكر مثابا من كفى أمثالها

وإن أردت أن تصون عرضا ... فلا تقل سوءا يعود قرضا ...

إن كنت تختار الجنان دارا ... لا تنظر للورى استضغارا

وكن أخا للكهل منهم وأبا ... لذويه في السن شاء أوأبى

وابنا لشيخ قد تغشاه الكبرا ... وفاق بالنفوس عن قوس العدا

آو اليتيم وارحم الضعيفا ... وارفق بمملوكك أن تحيفا

وبالناء هن كالغواني ... فاجنح إلى الخيرات غير واني

واعمل بما في سورة الإسراء ... من الوصايا الغر بحمد راء

وصل ذوات الرحم السائلة ... عن قطعها يوم القلوب ذاهله

والجار أكرمه فقد وصانا ... به النبي المصطفى مولانا

واحذر بنى غيبة الأنام ... لفظا وتعريضا مدى الأيام

والهمز واللمز مع النميمة ... فإنها ذخائر ذميمه

شر الأمور العجب فاجتنبه ... والبخل ما حييت صد عنه

فالكبر داء قاتل الرجال ... دواؤه تواضع الأبطال

لا داء أدوى مرضا من الحمق ... ولا دواء مثل تحسين الخلق

والحقد داء للقلوب، والحسد ... رأس العيوب فاجتنبه واقتصد

والبغي صاح يصرع الرجالا ... ويقصر الأعمار والآجالا

والمن أيضا يهدم الصنيعه ... فعد عنه لا ترى مذيعه

والمكر والنكث مع الخداع ... مطية الطغام والرعاع

رب غرام جلبته لحظه ... ورب حرب أججته لفظة

ورب مأمول ترى منه الضرر ... ورب محذور يسر من حذر

وقيل أيضا إن خلف الوعد ... في أكثر الأمثال خلق الوغد

لا حذر من قدر بدافع ... ولا أسى من فائت بنافع

وقيل ما أضمرت بالجنان ... يظهر في الوجه وفي اللسان

لا تطل الشكوى ففيه التلف ... والشكر لله الغني شرف

لا يفسد دين الورى إلا الطمع ... حقا ولا يصلحه إلا الورع

لا تحملنك كثرة الإنعام ... على ارتكاب سيء الآثام

ولا تقل سوءا تزل القدما ... وتورث الطعن وتبد الندما

لا تقربن من ودائع البريه ... ولا الوكالات ولا الوصية ...

فإنهن سبب البلايا ... ومعدن الآفات والرزايا

لا تشتغل إذا حبيت النعما ... بسكرها عن شكرها فتندما

لا تتبع مساويء الإخوان ... رعي الذباب فاسد الأبدان

لا خير فيمن يحقر الضعيفا ... كبرا ولا من يحسد الشريفا

لا تستقل الخير فالحرمان ... أقل منه أيها الإنسان

لا تجزعن فقد جرى المقدور ... بكل ما جاءت به الدهور

لا تتخطى فرص الزمان ... إن التواني سبب الحرمان

أنفاسكم خطاكم إلى الأجل ... وخادع الأعمال تقديم الأمل

أمرك بالمعروف من أعلى الرتب ... ونهيك المنكر من أقوى السبب

الولد البر يزيد في الشرف ... والولد السوء يشين بالسلف

الرفق يدني المرء للصلاح ... وهو لقاح سرعة النجاح

إساءة المحسن منع البر ... وتحفة المسيء كف الشر

تناس من إخوانك المساويا ... يدم لك الوداد منهم صافيا

وأولهم من فعلك الجميلا ... ودع مثابا قيلهم والقيلا

وكل من أبدى إليك الفاقه ... صن عن محياه الذي أراقه

بسط الوجوه أحد البذلين ... وأعظم الهمين هم الدين

وإن حفضت الصوت ما استطعتا ... ثم غضضت الطرف أنت أنتا

لله في كل بلاء نعمه ... لا ينبغي للمرء أن يذمه

تمحيص ذنب وثواب إن صبر ... ويقظة من غفلة لمن نظر

وتوبة يحدثها وصدقة ... ووعظه هدية موفقة

وفي قضاء الله ثم في القدر ... من بعد هذا عبرة للمعتبر

أعماركم صحائف الآجال ... فجلدوها أنفس الأعمال

عليك بالصدق ولو أضركا ... ولا تعير هالكا فتهلكا

صبر الفتى على أليم كسبه ... أسهل من حاجته لصحبه

فالصبر سيف لا يكاد ينبو ... والقنع نجم لا تراه يخبو

جرح اليدين عند أهل الهمم ... أهون من جرح اللسان فافهم

خير قرين المرء حسن الخلق ... يدني الفتى من كل أمر صائب ...

الحر عبد ما تراه طامعا ... والعبد حر ما تراه قانعا

أغنى الغنى للمرء حسن العقل ... والفقر كل الفقر ذل الجهل

إياك أن تخدعك الأماني ... فإنها قاتلة الإنسان

واحذر لزوم سوف ما استطعتا ... فإنه سيف عسى وحتى

سارع إلى الخير تلاق رشدا ... وكن من الشر أشد بعدا

وإن صحبت الملك المعظما ... فاحذر رجوع الشهد منه علقما

وانصحه والورى معا بالرفق ... والبس لهم درعي تقى وصدق

آخ الذي يسد منك الخلة ... ويستر الزلة بعد الزلة

ومن أقال عثرة ومن رفق ... وكظم الغيظ إذا اشتد الحنق

فهو الذي قد تم عقلا وكمل ... ومن إذا قال مقالا قد فعل

فاشدد يديك يا بني ... تحظ بعز دائم سني

إياك أن تهمل طرف الطرف ... فإنه يسمو لكل حتف

إذا تسي إلى أحيك فاعتذر ... وإن أساء يا بني فاغتفر

فالعذر يقضي بكمال العقل ... والعفو برهان لكل فضل

وجانب الخلق بغير مقت ... والبس لهم يا صاح درع الصمت

إذا التوت مكاره فنم لها ... وقل عساها تنجلي وعلها

عسى الذي أصبحت فيه من حرج ... يعقبه الله تعالى بالفرج

هذا الذي جادت به القريحةُ ... فاحذ عليه واقبل النصيحة

وإن رأت عيناك عيبا صنه ... تفضلا منك وصد عنه

فتسأل الله تعالى عفوا ... يتبعه في كل عسر يسرا

وصل يا رب على خير الورى ... ما صدحت قمرية على الذرا

والآل والأزواج والأصحاب ... والتابعين من أولي الألباب

 

  أبو الحسن علي بن عبد الله بن مفرج القرشي النابلسي 

 المصدر : كتاب أبيات مختارة تشتمل على عقيدة، نصائح، مواعظ، وصايا، حكم، أمثال، أدب [عبد الله بن محمد البصيري]

الاسمبريد إلكترونيرسالة